يعتقد كثير من رواد الأعمال أن تقديم خدمة ممتازة أو منتج عالي الجودة يكفي لدفع العملاء للحديث عنهم. تسود قناعة مفادها: “ما دام العميل سعيداً، فسيُخبر أصدقاءه حتماً”. لكن الواقع العملي غالباً ما يكون صادماً؛ رضا تام يقابله صمت مطبق.
لا تكمن المشكلة في جودة ما تقدم، بل في التعويل على “الأمل” كاستراتيجية للتسويق. عميلك ليس موظفاً في قسم التسويق لديك، وحماسه قد يتلاشى بمجرد انخراطه في مشاغل حياته اليومية. لتحويل هذا الرضا الصامت إلى ترشيحات فعلية (Referrals)، عليك فهم الدوافع النفسية وتمهيد الطريق أمامه.
الرضا شرط ضروري لكنه غير كافٍ
العميل الراضي هو شخص حصل تماماً على ما دفع من أجله، وبالتالي لا يشعر بـ “دَيْن” يلزمه بالتسويق لك. لكي ينتقل العميل من مربع “الرضا” إلى مربع “الترويج”، لابد أن تمنحه دافعاً إضافياً أو تجربة تفوق التوقعات؛ دافعاً يجعله يروي تجربته لا لخدمتك أنت، بل ليعزز مكانته أمام معارفه بصفته شخصاً يعرف “الأفضل”.
أكبر عائق هو “ماذا سأقول؟”
قد يرغب العميل في تزكيتك لصديق، لكنه يتردد لعدم قدرته على وصف خدمتك بدقة، أو خشية تحمل مسؤولية الترشيح في حال لم تسر الأمور كما يرام.
مهمتك هي إزاحة هذا العبء عن كاهله. لا تنتظر منه صياغة عبارات المديح؛ بل جهّز له رسائل معدة مسبقاً، أو روابط سهلة المشاركة، أو حتى عبارة موجزة تلخص قيمتك. كلما قللت الجهد الذهني المطلوب من العميل للحديث عنك، زادت احتمالية قيامه بذلك.
التوقيت أهم من الطلب نفسه
متى تطلب من العميل ترشيحك لآخرين؟ يقع أغلب أصحاب المشاريع في خطأ التوقيت، إما بالطلب مبكراً جداً قبل بناء الثقة، أو متأخراً جداً بعد فتور حماس التجربة.
اللحظة الذهبية هي “لحظة قطف الثمار”. حين يلمس العميل الأثر الإيجابي لخدمتك، أو يتسلم المنتج وهو في غمرة سعادته، هنا يكون استعداده النفسي لرد الجميل في أعلى مستوياته.
حوّل الصدفة إلى نظام
تُعد التوصيات الشفهية (Word of Mouth) أقوى أدوات التسويق لأنها تأتي مشحونة بثقة مسبقة، لكن الخطأ القاتل يكمن في تركها للصدفة. المشاريع الناجحة لا تنتظر التوصيات، بل تبني لها نظاماً؛ سواء عبر بريد إلكتروني تلقائي بعد الشراء، أو سؤال مباشر في ختام الاجتماع، أو حافز رمزي ومقدّر. الهدف هو ترسيخ فكرة لدى العميل بأن أفضل طريقة لشكرك هي تعريف الآخرين بك.